منظمة العفو الدولية: ينبغي على السلطات إسقاط أحكام الإدانة التي تقوض الحق في حرية التجمع
في 8 يوليو/تموز 2018، أيدت محكمة التمييز، وهي أعلى محكمة قضائية في الكويت، إدانة 16 من السياسيين المعارضين ونشطاء حقوقيين وغيرهم من المحتجين، من بينهم ثمانية من أعضاء مجلس الأمة السابقين أو الحاليين، بتهم تتعلق بمشاركتهم في احتجاج عام 2011. على الرغم من أن حكم محكمة التمييز خّفض حكماًأكثر شّدة صدر عن محكمة الاستئناف في العام الماضي، فإن منظمة العفو الدولية تعتقد أن الإدانات تستند إلى تهم ذات دوافع سياسية تنتهك المعايير الدولية للمحاكمات العادلة، والحق في حرية التعبير والتجمع السلمي.
لقد أثيرت القضية بسبب احتجاج اندلع في ليلة 16 نوفمبر/ تشرين الثاني 2011، حيث اعتصم أعضاء مجلس الأمة ومعارضون ونشطاء حقوقيون، وأفراد من الجمهور، في مبنى مجلس الأمة الكويتي. ووصلت التوترات بين المعارضة والحكومة ذروتها في ذلك الوقت. فمنذ أواخر 2011، أصبحت ممارسة الحق في حرية التعبير والتجمع السلمي مقيدة بشكل متزايد بسبب رد فعل السلطات على معارضة سياسية جريئة، وانتشار الاحتجاجات العامة بسرعة. وفي يوليو/ تموز2014، أعلن مجلس الوزراء أنه سيرد “بقبضة حديدية” على أّي تحٍد ملموس لسلطة الدولة.
هذا، وقد وثَّقت منظمة العفو الدوليةكيفية لجوء السلطات التنفيذية والقضائية في الكويت، بشكل متزايد، إلى استخدام قوانين التشهير، وغيرها من التشريعات الفضفاضة لسجن الأفراد لمجرد أنهم انتقدوا الأمير أو الحكومة أو الحكومات المتحالفة في السنوات الأخيرة. وهكذا أثيرت قضية مجلس الأمة في سياق صراع مطول بين الحكومة المركزية والمعارضة السياسية داخل وخارج مجلس الأمة، الأمر الذي أدى إلى قيام الأمير والمحكمة الدستورية بحل أو إلغاء مجلس الأمة المنتخب تسع مرات منذ عام 2006. وقد رفعت النيابة العامة القضية في محاكمة جماعية ضد 70 شخًصا.
ووجدت محكمة التمييز النائب السابقُمسلّم محمد البراك، وأربعة متهمين آخرين، مذنبين بتهمة “التنظيم والدعوة لمظاهرة في الطريق العام بأن أعلنوا التحرك في مسيرة … وحثوا على استمرارها وكان ذلك بغير ترخيص من الجهة المختصة”. وكان واحد من خمسة أدينوا بهذه التهمة، وهو عبد العزيز جار الله المطيري، قد حكم عليه من قبل في 2016 بالسجن لمدة خمس سنوات بناء على تهم تتعلق باستخدامه لتويتر. كماُوجد أيضا أن المدانين الستة عشرة، مذنبين بارتكاب تهمة ازدواجية: “المشاركة في مظاهرة في الطريق العام بالانطلاق سيراًعلى الأقدام من دون رخصة من الجهة المختصة”. كما أدين ستة بتهمة ” إهانة … موظفين عموميين … بأن وجهوا الالفاظ والعبارات والإشارات … وكان ذلك أثناء … تأديتهم أعمال وظيفتهم في منع المظاهرات وفض التجمهر”. وشمل هؤلاء الستة البراك وعبد العزيز المنيس، الذي صدر بحقة فًي وقت سابق حكما بالسجن لمدة ثلاث سنوات لإهانة الأمير. وتشمل إدانة المنيس الحالية أيضا تهمة جديدة:” الطعن علنا وفي مكان عام عن طريق القول في حقوق الأمير وسلطته … وذلك بأن تفوه على مرأى ومسمع من آخرين بالألفاظ … من شأنها المساس بأمير البلاد”. وأدين كل من البراك والمنيس بتهمة أخرى: ” تحريض رجال الشرطة على التمرد بأن طلبوا منهم عدم القيام بواجبات وظيفتهم وعدم الامتثال للأوامر الصادرة إليهم من قياداتهم بمنع المظاهرة وفض التجمهر”. وتعد هذه التهم ذات دوافع سياسية تستند إلى ممارسة المدعى عليهم لحقوقهم في حرية التعبير والتجمع السلمي.
ويعزز الاستنتاج القائل بأن الحكم كان يهدف إلى بعث رسالة حول محدودية المعارضة من خلال حقيقة أن الكثير من هؤلاء المحكومين هم من المعارضة السياسية في مجلس الأمة، أو سبق أن أدينوا فيما يتعلق بممارسة حقهم في حرية التعبير. وكان النواب السبعة المدانون الذين كانوا لا يزالون في مناصبهم عندما اندلع الاحتجاج في نوفمبر/ تشرين الثاني 2011 قد بلغ 14 في المئة من إجمالي عدد أعضاء مجلس الأمة الكويتي البالغَّعددهم 50 عضواًفي ذلك الوقت. ويعدُمسلّم البراك أشهر سياسي معارض في الكويت. فقد سبق لمنظمة العفو الدولية أن وثقت قضيته بصفته سجين رأي عندماُس ِجن في الفترة الممتدة من 2015 إلى 2017؛ بسبب إلقاء خطاب انتقد فيه الأمير. وبالإضافة إلى التهم السابقة المتعلقة بالخطاب ضد البراك والمطيري والمنير، فقد حكمت محكمة التمييز على راشد صالح العنزي بالسجن لمدة ثلاث سنوات ونصف، وهو كان قد سبق أن أدين بإهانة الأمير على تويتر. (وتم العفو عنه في وقت لاحق).
منظمة العفو الدولية – بيان عام1
واتهمت النيابة العامة الكويتية المتهمين بالجرائم المتعلقة بالممتلكات، باستخدام القوة، وجرح عدد من أفراد الشرطة وغيرهم من أفراد الأمن الذين يحرسون مبنى مجلس الأمة. وعلى الرغم من وقوع مشاحنات بين قلة من المتظاهرين والشرطة، فإنه ليس من الواضح أنه قد أصيب أي من أفرادها على أيدي المحتجين. وأشارت التقارير الأولية في وقت الحادث إلى إصابة المحتجين، وليس قوات الأمن، ويقدر أن العدد الإجمالي للمحتجين المشاركين يتراوح بين المئات إلى 15 ألف.
إن العدد المفرط للمدعى عليهم المتهمين في دعوى واحدة قد قوض إمكانية إجراء محاكمة عادلة منذ البداية؛ ومع اقتران إدراج التهم المستندة إلى ممارسة الحق في حرية التعبير والتجمع السلمي، فقد فشلت الإجراءات في قضية مجلس الأمة في الوفاء بالمعايير الدولية للمحاكمات العادلة، وأثارت مخاوف بشأن استقلال القضاء الكويتي عن السلطة التنفيذية والفروع السياسية للحكومة.
ولذا تدعو منظمة العفو الدولية السلطات الكويتية إلى إلغاء أحكام الإدانة، والكف عن تجريم الحق في حرية التعبير والتجمع السلمي. وباعتبار الكويت دولة طرف في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، فهي ملتزمة بتعزيز الحق في حرية التعبير والتجمع السلمي، والمحاكمة العادلة.